ضمان جودة أداء المدارس الحكومية والخاصة

ضمان جودة أداء المدارس الحكومية والخاصة
 
بقلم: د. حسن الحمادي
 
تكتسب عمليات ضمان الجودة أهميةً خاصةً في كافة الدول المتقدمة تربويًّا حول العالم، فمع تقدم النظم التربوية والمطالبات بتنويع الممارسات التعليمية والدعوة إلى الإبداع والابتكار؛ تعالت الأصوات الداعية إلى الوقوف على جودة الممارسات المقدمة، وضمان انعكاس أثرها على المخرجات التعليمية. وتُعَدُّ مملكة البحرين بتجربتها الرائدة، صاحبةَ سبقٍ إقليميٍّ في تأسيس جهة مستقلة لضمان جودة الممارسات التعليمية والتربوية، متمثلة في الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب؛ من أجل الارتقاء بمستوى التعليم والتدريب في المملكة.
 
ومنذ تأسيس الهيئة، قامت إدارتا مراجعة أداء المدارس الحكومية والخاصة ورياض الأطفال ببناء مجموعة معتمدة من المعايير والمؤشرات الواضحة لتقييم جودة ما يتم تقديمه في المدارس بنوعيها الحكومي والخاص. وترتكز عمليات المراجعة على مجموعة من القيم، أساسها الاستقلالية والموضوعية والشفافية، وتهدف إلى تقديم معلوماتٍ دقيقة عن جوانب القوة والجوانب التي تحتاج إلى تطوير للمدارس، ولصناع القرار؛ للمساعدة في تركيز الجهود والموارد بوصفها جزءًا من عملية تطوير التعليم؛ لأجل الارتقاء بمستوى الأداء بصورة عامة.
 
ويُعَدُّ إصدار إطارٍ عامٍّ موحدٍ كدليلٍ للمراجعة، مشتملًا معايير ومتطلبات التقييم في مراجعة أداء المدارس في مملكة البحرين؛ من أبرز إنجازات الإدارتين، حيث يتناول بصورة تفصيلية مجالات المراجعة الرئيسة التي ستُبنى عليها عملية إصدار الأحكام، وذلك للوصول إلى حكم عام على فاعلية أداء المدرسة، وقدرتها على التحسن. هذا، وترسيخًا لمبدأي العدل والشفافية؛ تُقيّم جميع المدارس وفقًا لهذا الإطار الموحد، الذي يركز على قياس أثر العمليات التي تقوم بها المدرسة فيما يرتبط بمجال التعليم والتعلم، من حيث فاعلية تنوّعه، ومراعاته للفروق الفردية، وأنماط التعلم المختلفة، وجودة أساليب الإدارة الصفية، ومساندة المتعلمين ودعمهم بمختلف فئاتهم واحتياجاتهم التعليمية والشخصية، وقياس أثر عمليات ضمان الجودة التي تقوم بها الإدارة المدرسية، خاصةً فيما يرتبط بعمليات التخطيط الإستراتيجي، وتطوير أداء المعلمين، وتفعيل الموارد المدرسية. ويصدر الحكم في نهاية المراجعة على مستوى انعكاس أثر جميع هذه العمليات على المخرج الأساس وهم الطلبة، من حيث إنجازهم الأكاديمي، وتطورهم الشخصي.
 
ويتم الحكم على مجالات العمل المدرسي، والفاعلية العامة لأداء المدرسة؛ وفق مقياسٍ مكوّنٍ من أربع درجات، هي: "ممتاز"، و"جيد"، و"مرضٍ"، و"غير ملائم". كما يصدر التقدير: "ممتاز" على فاعلية أداء المدرسة، إذا أظهر طلبتها مستوياتٍ أكاديميةً متميزة، وقدرةً عالية على التعلم والتقدم في الدروس والأعمال الكتابية، ومهاراتٍ قياديةً متميزة، إضافة إلى إظهارهم وعيًا عاليًا، وسلوكًا متميزًا، وقيمَ مواطنة مسئولة؛ تعكس مستويات مرتفعة من المسئولية الشخصية والمجتمعية. وعادة ما يكون ذلك نتيجةَ عملياتِ تعليمٍ وتعلمٍ فاعلة، وقيادةٍ مدرسيةٍ متميزة. ويعكس التقدير: "جيد" أداء مرتفع للمدرسة بوجه عام بدرجة تفوق التوقعات، وقد تكون فيها جوانب متميزة. ويُعَدُّ التقدير: "مرضٍ" هو المستوى المقبول من الأداء وفقًا لمعايير إطار المراجعة العام، في حين يدل التقدير: "غير الملائم" على وجود تحديات تواجهها المدرسة، تحول دون تحقيق تحسن ملحوظ في عمليات التعليم والتعلم، والدعم، والقيادة، وتنعكس بالتالي سلبًا بصورة مباشرة على مستويات الطلبة الأكاديمية والشخصية. وتخضع المدرسة الحاصلة على تقدير: "غير ملائم" لزيارات متابعة؛ للوقوف على مستوى كفاية إجراءاتها حيال التوصيات المقدمة لها، وللتعرف على مستوى تقدمها، وتكون أحكامها مختلفة عن أحكام المراجعة العادية، وفق مقياس مكوّن من ثلاث درجات هي: "تقدم كافٍ"، "قيد التقدم"، و"تقدم غير كافٍ".
 
وتعوَّل عمليات مراجعة أداء المدارس على مبدأ التشاركية بشكل أساس، وتتمثل صور التشاركية في مشاركة قيادات المدارس في عملية الوصول إلى التقدير العام على أدائها، والذي ينطلق من تقييم المدرسة الذاتي لواقعها، ومدى دقته. كما يتم التركيز على آراء الشركاء بصورة محورية عن طريق استطلاع آراء أولياء الأمور حول ما تقدمه المدرسة من خدمات، عن طريق الاستبانات الإلكترونية، والمقابلات، وكذلك الطلبة، كونهم المستفيد الأول من هذه الخدمات.
 
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن نتائج مراجعات أداء المدارس في مملكة البحرين أظهرت وجود ممارسات متميزة يحتذى بها في المدارس الحكومية والخاصة ذات الأداء الممتاز، في الوقت الذي أظهرت فيه وجود مدارس ذات أداء غير ملائم في القطاعين الحكومي والخاص، تحتاج إلى متابعة مستمرة، ودعم أكبر. كما تتركز أغلب المدارس في المستوى المرضي. هذا، وتنشر الهيئة التقارير التفصيلية والدورية عن أداء المدارس؛ لتعرضها بكل شفافية على جميع المستفيدين والمعنيين؛ للمساهمة في دفع عجلة تطوير التعليم في المملكة.

​​